أتكون سقطة من بين أفعال أولئك .. !
الذين يرسمون الرجولة في عقولهم حتى يرونها في جميع مجالاتهم .. !
الذين يؤثرون على أنفسهم .. !
يفرشون لمن يودّون من الصَّحب الوَرد وألوان الزَّهر .. !
ويُعيقون كل سيء في دروبهم ، حتى يرون ابتسامتهم .. !
ولا يُبالون بالذين خرجوا من أصلابهم .. !
وأصبحت دمائهم دمائهم ، وملامحهم ملامحهم .. !
أم أن فعلتهم تلك كأي نوع من الأفعال التي يشوبها ما يشوبها ويجمّلها ما يجمّلها .. !
.
.
زرع في بستان أحلامه بذوراً ، حتى تسير السنين لتكون سُلّماً يأخذه إلى مستقبله ليصل إلى ما يسمو إليه ، يسقيها بين الفينة والفينة ، منتظراً نموّها وثبات أصلها راجياً من الله أن يكون فرعها في السماء .
يرى أبيه .. ويجد أنه يملك " مؤسسة " تهتم بنوع من الأعمال ، هي آخر بقايا تجارته التي ربطته بشتى العلاقات بين بعض تجّار البلاد والدّول الأخرى ، ويرى نفسه .. ويجد أنه ابن لهذا التاجر الذي سار على خطوات مدروسة ووضع عينه على نهايتها وكأنه يعلم أنها ستوصله إلى ما يصبوا إليه .
لم يكن أبيه قاسياً بطبعه وتعامله ، ولكن التجارة والرّبح والوارد آخر الشهر والصادر جفّف مشاعره تجاهه وإخوته ، فالتفكير في هذا المجال وغيره والانشغال به يجعل الإنسان لا يفكر إلا بتلك العملة الورقية التي تجمع بين القلوب وتشتّت بين الأحباب وتنسي بعض الآباء أبنائهم .
بعد مرور عدة أعوام انهارت أموال أبيه ، وعادت حاله إلى ما كانت عليه سابقاً ، ولم يبقى له سوى أن يعيد النظر في سياسة عمله الأخيرة ويُزيل الأخطاء التي وقعت ويُعيد الصعود مرّة أخرى ، أو يحاول الثبات على تلك النهاية وعلى تلك المعيشة حتى لا تزداد سوءاً ، واستسلم لأمر الله وأصبح لا يملك أي دَخل شهريّ بعد أن أزال مشروعه ، وأصبح يُطارد الورقة والورقتين .. وهو الذي لا يُحرك المليون بهِ ساكناً .
وابنه .. صار ينتظر المال من خالته أو عمته أو بعض إخوته وأخواته ، قليل من الريالات تهطل في يده بعد أن يوصلهم لطريقٍ معيّن أو سوقٍ معيّن أو شارعٍ معيّن تسدّ حاجته ، وبدأ يشعر بأن بستان أحلامه الذي أنهكه التفكير به وسقيا بذرته سينتهي وأن ورقته ستجف بل ستموت وأرضه ستصبح قفراً ما بها ما يُوحي إلى العيش ، ولو أن أحلامه تحدثت ونَطقت ! .. لقالت : لا عَليك .. أعد النظر في شتّى شؤون حياتك الخاصة وابدأ الخطوات بخطواتك لا خطوات غيرك .
حَاول .. ولكنّها بائت بالفشل وأعاد المحاولة وازداد الأمر سوءاً ، تلقّفته أيدي الشرّ ، وجعلوا أنفسهم له موطناً ومقراً وملاذاً ، فأصبح في كل وقتٍ لهم ، وفي كل نزهةٍ معهم ، وضحكاته إليهم ، ويميل في مواقفه العسيرة تجاههم ، فإخوانه منشغلين في حياتهم ومعيشتهم ، ولم ينظر إلى حديث أبيه وصراخه عليه ، فلم يكن نصحاً أو إرشاداً أو أخذاً بيده من الشر إلى الخير ، ومن الضياع إلى الاستقرار ، ولكن حديثه كان بالسخرية منه وأنه لا يسمعه وأنه شرّ وُضع في حياته ، يقذف الدعوات الكبرى عليه بأن يُزيله الله من الوجود حتى تكون الراحة التامّة له ، والابن لا يستطيع أن يُثير أي شيء تجاه أبيه سوى بضع كلمات يقذفها حسرةً وندماً وحُزناً .
أكمل الابن حياته على ما كانت عليه ، سوى أنه كبر قليلاً في عمره فأصبح يبحث عن عمل علّه يُوجد له ما يُكمل مسيرته في حياته ويقرّبه من حياة البشر عموماً ، ولكن أصحابه مازالوا خلفه حتى أصبح من أعمدتهم وتذوّق من يديهم سيجارة قادته لأن يكون مدخناً ، وانقطع عن رحم العائلة حتى أصبح لا يرى معظمهم إلا بالسنة والسنتين .
لم يكن ذلك الابن في بدايته إلا طفلاً صغيراً .. خرج على الحياة وتربّى على يد أمه المسكينة ، ولم تكن نغمات الحياة إلا صدى صوت الأب في غضبه وجبروته ، فنشأ متهرباً من أجواء الأسرة إلى أجواء الشارع والنظر إلى ما يُسيء ، والتصفيق إلى ما يُسيء ، فلم يكن له مرشداً وناصحاً إلا دعوات الأم له بأن يحفظه الله .. ولكن قضاء الله وقدره ، وإلى تلك الساعة التي أحدثكم بها وحاله لم يتغير ولا أعتقد أنها ستتغير إلا بقدرةِ قادر ، والأب ! مازال يتبسم ويضحك في حياته من أيدي الغير ، يضعونها على مائدة الحياة ويغذّونه من تعبهم ومن عرق جبينهم .
لو نظرنا إلى الحيوانات التي لا تملك عقلاً ولا تفكر إلا بغذائها وشهوتها فقط ، ودعونا نتحدث عن الكلب أعزكم الله ، ذلك الحيوان الذي نصحنا رسولنا الكريم في أن نغسل أيدينا بعد لمسه سبع مرات أولاهن بالتراب ، لوجدنا العطف منه على ابنه والشفقة والرَّحمة .
فما بالك أيها الإنسان .. بإنسانٍ مثلك ، يتغذى ويتحدث كما تتحدث وتتغذى وله عقل كعقلك ، تفوّق عليهِ الكلب .. وابنه وَجد ما لم يجده ابن آدم من أبيه العاقل الرجل كما يُقال ! ، فبئس الطِّباع التي تطبّع بها ، وبئس المال الذي يُربّي الإنسان على الإساءة في تعامله مع أبناءه وذويه ، أرأيتم كيف أصبح إخواننا في الإسلامِ يعيشون عيشة لا يعيشها ابن الكلب .. ؟! .
تمّت بحمد الله ..
5 التعليقات:
أَخي سَلْمَآن !!
كُنت رآئِعاً ومآزِلت ,
وأَستودعك الله الذي لآتضيع ودآئِعُه
أَخيك / حرف,
حروووف رااائعة...
وحتى العنوان راااائع مع أنه قوي...
~حاملة وحي السماء~
حَرف ..
كُنت هنا ..
لتنير الوجود ..
وتعطر الزوايا ..
حتى أصبح بها من نسيجك موضعاً ..
وأصبح ذلك الموضع .. !
يشهد لك بأن حبرك انتثر هنا ..
فكان حقاً علي أن أكرمك بكلماتٍ يسيرة ..
تصل لذائقتك ..
فشكراً لك يا طيّب .
حاملة وحي السماء ..
أهلاً بك هنا ..
لقد إطلعت على تعليقاتك في المدونة الأخرى ..
ولكن لتعلمين أن تلك المدونة هي الأساسية وسأقوم بإزالة الأولى ..
عموما .. !
أشكرك لعظيم حضورك ..
وأشكرك لإعطائي من وقتك الثمين ..
أن تقرأين شيئاً من عَبق فكري ..
علّه عطره يحوز على الرضا ..
أهلاً .
ابن كلب ...
عنوان قوي ..
لكن المضمون للأسف كثيرا ما نرى مثله
من تشتيت الأباء لأبنائهم ..
يعتقدون ان التربيه هكذا ..
ويسبب ضياع للأبن ويصبح الأبن ابن كلب !!
اخي سلمان ..
لكن عظيم شكري واحترامي ..
إرسال تعليق
شكراً لك على الإطلاع ، بانتظار تعليقك على ما قرأت !
إذا أردت إضافة " لقبك " في التعليق .. إضغط على التعليق بإسم : ثم URL الإسم/العنوان ، إختر لقبك وأترك خانة العنوان فارغة ..
( بعدما تقوم بكتابة التعليق أنقر على " كتابة تعليق " ليتم إرساله )