يا صغيري إغغغى .. !

أرفعك فتضحك .. وأرقدك فتبكي ، ثم ألاعبك لأستعيد تلك البسمات التي تفتت ألمي وتنشىء ضحكتي وتستعيد عافيتي ، حتى تنطق من جديد : إغغغى .. فأقول : إغغغى ! ، ثم أقرب شفتاي من عينيك وأقول : أبـّا ! فتقول : بـّا .. ثم تعيدني نفسي لأتخيل صوت أبي وضحكة أبي وشفتا أبي ..

وما علمت أن بَابَا " أبـّــا .. ومَامَا " أمـّـا " .. حتى كبرت وترعرعت في حظنِ والدي ، فأصبحت " أبّا " أبوي " وأمّا " أمي " وهَمّا " غذائي ونموّي .. فيا سبحان من أخذ الشعور الذي كان في صدر والدي – رحمه الله تعالى – ووضعه في صدري ، فشعرتُ بما شعرَ به عندما أقبلت أنا على الدنيا ، أرأيتَ يا بنيّ ؟! .

يا إلياس .. !
لن تشعر بالشيء حتى تستطعمه ، ولن تستطيع التعبير عنه حتى تعيشه ، ودَارت الحياة دورتها فهاهي عيناي تنظر إليكَ كما كانت عينا والدي تنظر إليّ برحمةٍ وعطفٍ .. وهيهات أن تكون نظراتي كنظراته وتربيتي كتربيته لكنها أمنية!.

إغغغى ! ليست أحرفاً عشوائية .. إنما هي كلمة رُوحية تدغدغ أضلاع الصدر وتعمل على إشعال نار الشوق عندما يغيب ناطقها وتغيب نكهتها ، ولا تدري أني كلما نظرتُ إليكَ أتخيّلني عندما كنت بين يدي أبي .. كيف أني كبرتُ وارتقيت وذقت من الأفراح ما يجعلني أكاد أفقدني أنساً ، وتجرّعت من الحزن ما يجعلني أتناسى فرحتي حتى يكاد الفرح يزول من حياتي ولا يبقى إلا في دفاتر الذكرياتِ صورةً ونصاً ! ..

فلا تحزن إن كبُرت وقرأت ما كتبت .. فـ إغغغى ستكون بداية العلم والرفعة ، ولن تتوقف عليها بمشيئة الله ..

رزقني الله برّك ورزقك رعايتي .. وأنار بصيرتك ووَهبك ما أتمناه لك .



يا صغيري إغغغى !

إن الحديث بين الأب وابنه لا تستوعبه كُتب ولا يقدر على نقده أدباء إنما هي خلجات قلب وهمهمات نفس لن يستطيع أحد أن يمنعها أو يظهرها إلا مشاعر أب ، ولن يستطيع أحد أن يستقبلها ويلفظها إلا مشاعر ابن ..

ونظرتك للحياة تتغير كلما استجد بها شيء ، وتتقلب كلما انعكس بها شيء ، لكنها لا تختلف تماماً إلا إذا رُزقت بطفلٍ قدومه يُغير الكثير من النظرات التي كانت تدور في داخلك .. فيحصرها لتكون نظرة أبٍ وأمٍ لا رجلٍ أعزب أو امرأة عزباء .

وعقلك إن سيطر على عاطفتك بنظرتك إلى ابنك ! غسل كل أسلوب سيءٍ ساذج ، وأزال كل فكرة وحركةٍ كنت تُطلقها وتترائى بها ، وزرع بك تعاملاً رفيعاً وتفكراً رزيناً يجعلك تستغرب من حياتك وقدرة الله – سبحانه – ، بين الأمس واليوم كنت زوجاً فقط واليوم الزوج والأب والراعي والمربي ! .

وإن لم يغير هذا الطفل بحياتكَ أي شيء ! لا وزناً ولا لوناً ولا طعماً ! فانزع روحك واقذف بجسدك على الشارع ليُدهس .. لأنك لا تصلح أن تكون أباً .



كَتبها د / ماسنجر ..
فائق التبجيل والتقدير ..

2 التعليقات:

أجـــراس الرحيل يقول...

أجـــراس الرحيل ..

مؤلم حرفك جداً ..وكلامك كالكأس المر الذي بدأت أتجرعه ..!

إلياس ..لاعليك ستكبر وستكون أحرفك فخراً بـِ أبيك
..لافقد وشوق إليه ،، بإذن الله ..

خالتك ..أجـراس الرحيل : )

د / ماسنجر يقول...

حياك الله يا أجراس وشكرا لروحك الأخوية ..
أهلا بك

إرسال تعليق

شكراً لك على الإطلاع ، بانتظار تعليقك على ما قرأت !
إذا أردت إضافة " لقبك " في التعليق .. إضغط على التعليق بإسم : ثم URL الإسم/العنوان ، إختر لقبك وأترك خانة العنوان فارغة ..
( بعدما تقوم بكتابة التعليق أنقر على " كتابة تعليق " ليتم إرساله )