القلم .. سلاح الفكر !



مابين المولد والموت ، جسر ممتد بين الأحلام والأمنيات إلى الواقع والنهاية ، سُمي ذلك الجسر بالدنيا ، وظل الناس يتحاربون ويتعاركون ويتباغضون ويتحابون ويتآلفون ويتعاونون تحت ألف مسمَى ، والمسمى الصحيح هو الإسلام .

ومن بين المعارك التي تكون المعركة الكبرى بين الحق والباطل ، وبين النور والظلام ، وبين النجاة والموت ، وبين الخريف والربيع والبرد والحر والنار والجنة ، ولازال هناك من البشر
من لا يفرق بين الأبيض والأسود إلا ما يناسب هواه وشهوته وما يتناسب مع توجّهه وتفكيره .

والقلم أحد الأسلحة الصلبة التي تستخدم في الخير والشر ، فإن هي استخدمت للشر كانت شقاء ونكدا على صاحبها ، وإن هي كانت للخير وجنَحت ظفر صاحبها بجناتٍ من تحتها الأنهار . ولا أحد يشكّ في قوّة القلم وحضوره وشأنه لا في تغيير العقول ولا في تبديل النفوس ولا في تهذيب الخاطر ومناجاته .

والغرب جعلوا القلم أحد أهدافهم المدسوسة بين رفوف المكتبات ، ومعبأة بالسم القاتل للفكر ، صبّوا منهجهم ومعتقدهم وفق ميول المجتمع من أجل الانسلاخ الفطري وتبديل العادات والتقاليد ، من خلال الرواية بأجوائها وسفالتها وحقارتها ، وإن لم يصلوا لمن يبغض القراءة ! حوّلوا رواياتهم إلى أفلام ماجنة ساقطة منحلّة فبذلك يصل سُم القلم إلى العين على هيئة مشهدٍ مصوّر به كل المغريات وأصناف الشهوات ، ثم عن طريق الكتب الفلسفية التي تذهب بالنفس إلى الوحدة والتأمل الكوني من خلال أقاويل واقتباسات مشاهيرهم المرضى ، ثم عن طريق كتاباتهم وجملهم الشهيرة التي توضع على القمصان والملابس النسائية والرجالية وملابس الأطفال ، عبارات كفرية وعبارات فاجرة متجردة من كل صوابٍ ونور ، أليست الروايات بالقلم ؟ والأفلام والعبارات والكتب ؟ .. هذا هو هدفهم الرئيسي وتلك هي حربهم التي لا يوجد بها مقاومة إلا من بعض العقول الشامخة الرفيعة التي شهد لها التاريخ حتى بعد موتها .

والعرب - كما هو معروف - عظموا تلك الأداة وقبلهم كلهم ربنا سبحانه وتعالى في سورة القلم قال : ( ن والقلم وما يسطرون ) ، يقسم الله تعالى بالقلم الذي جرت عليه كل الكتابات المنظومة والمنثورة وسجلت به كل أنواع العلوم ، وهذا دليل على تأثيره وبلوغه رأس القمة في الدنيا ، ثم في آيةٍ أخرى يقول الله تعالى : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) ، فالقراءة لم تأتي إلا بعد المرحلة الأولى وهي الكتابة التي أساسها القلم .

فالكاتب المسلم ، فسيح الرزانة صحيح القلب ، يجعل من هذا القلم صديقا وافياً يصاحبه سنين عمره ولا يفتر عن لقياه ولا عن مجالسته ، ويقف مع أمته وقفة المساندة والمقاومة تجاه أي تيّارٍ مريضٍ ، يقف معها في مواقف الحزن والفرح والانتصار والهزيمة والسعادة والشقاء ، إن هي ظلمت آزرها وإن هي فلحت شجّعها ، لا يتخلى عنها ليلة واحدة ولا ساعة واحدة إلا ترك له على علمِ الأمة مقولة أو جملة تُذكر له على مر التاريخ والعصور..

يكتب تحت راية القرآن لا إله إلا الله محمد رسول الله ، على أي نمط وعلى أي نظم يستقر عليه فكره ، مقالة وقصيدة وقصة ورواية ونثراً ، يفتش بين المشاكل ويوجد حلولاً يذهب بها عقله ، ويقوّم مجتمعه على القيم السامقة المنيرة ، داعياً إلى الله مناديا بنداء الله ، مدافعاً عن الفضيلة التي أرهقت ومحارباً للرذيلة التي أعتقت ، ولم يترك الكتّاب أي مجال للحرب الغربية على الإسلام - باستخدام الكتابة - إلا حاربوه وسدّوا مداخله إلا من تسربات تصل إلى الورقات تحت مسميات زائفة موهومة ، فإن كانت هناك رواية عفنة ! استخرجوا رواية مضيئة ترقى بالخَلَد إلى الأفق ، وإن كانت هناك كتبا فلسفية منحرفة ! سطّروا كتباً فكرية منصرفة إلى التأمل بخلق الله وروعته وإعجازه ، وإن عبث أحدهم بأي مجال وحاول أن يزعزع الأمان النفسي والإيمان الداخلي ! جاءته الردود وجاءته السهام التي تردي عقله وتوقف دعواه ، وليثق هذا الكاتب أن تعبه وجهده في سبيل الله لن يذهب سدى ، وإن جاء أجله وجفّ حبرهُ فلن يأتي أجَل كتاباته ولن يجف ذكرها ولن يذهب بل سينشرها الناس لتنير الظلام وتحيي الأرض القفر بمشيئة الله ..

وليعلم أي متفكّر أن ما يمليه عليه عقله سيُفشى في يوم الحشر ، فكلمة حسنة أخلص بها إلى الله لترفعه مقاما وقدرا ورفعة ما كانت، وكلمة أراد بها هوىً أو منصب أو سمعة لتهوي به إلى القاع ، فلننظر إلى عقولنا نظرة حكمة وتأمل ولنتخذ كلماتنا مُتخذ الرجل النصوح الداعي إلى سبيل ربنا ، لا الداعي إلى سبيل نفسه والشيطان..


تقديري للجميع

0 التعليقات:

إرسال تعليق

شكراً لك على الإطلاع ، بانتظار تعليقك على ما قرأت !
إذا أردت إضافة " لقبك " في التعليق .. إضغط على التعليق بإسم : ثم URL الإسم/العنوان ، إختر لقبك وأترك خانة العنوان فارغة ..
( بعدما تقوم بكتابة التعليق أنقر على " كتابة تعليق " ليتم إرساله )