على بساط الخيال .. من سيبحر معي ؟!





( 1 )

هَبْ أنك تركت الدنيا كلها خلف ظهرك ، وتأملت جيداً همومك وأحزانك التي تؤرق سكونك وتشل فرحتك ، ليس الحديث عنها فلا تخف ؛ فهذه الحكاية لا تطلب منك هماً ولا غماً لكنها تريد منك أن تُسَلّمُ حسّك للأسطر وتُشعر نفسك أنك على قاربٍ صغيرٍ من أعواد القمح المتينة قد صُّفت جنباً إلى جنبٍ وتلاحمت تلاحم الأخ لأخيه والصديق إلى ضلعِ صديقه ورُبِطت ربطاً وثيقاً محكماً فزُيّنت قارباً صغيراً لا يحمل إلا فرداً واحداً .. هذا الفرد هو أنت بشخصك القدير ونفسك الراقية التي تنحو إلى تلبية رغباتِها وأحلامها وتُصعد عينيك إلى ما وراء الجبال لتنظر إلى مستقبلك الخفيّ المجهول إلا من القدرِ ، فللهِ حياتك وأمنياتك التي لا تتحقق إلا بسرحان عقلك وإبحار هواجسك وإشعال الخيال لديك ..


( 2 )

وبعد أن ترفع قدمك اليمنى لتضعها على متنِ القاربِ تلحقها بأختها وتحمل بين يديك سلةً تحتوي على مائك وغذائك لمدةِ أربع ساعاتٍ شاعريةٍ ليليةٍ لتترك مياه البحر تدفعك بهدوءٍ إلى قلبِ البحر وتسير .. وتسير بمجدافك الوحيد حتى يأخذ لبّك سكون الكون إلا من تقافزِ الأسماكِ حولك والنجوم تسطع في بؤبؤيك ، وسكونه إلا من هبَّات الهواء العليلة التي لا تتأخر عن أهدابك لتجعلك تأخذ نفساً ثقيلاً طويلاً تلفظ بعده كل ركامٍ تركته الحياة في قلبك وتلفظ همّك وغمّك وحُزنك وحَزنك وكل ما يجثم على صدرك لتشعر بعد ذلك أنك رشيق قد تحضنك نسمة الهواء وترفعك عن البحر لخفّةٍ في نفسك وراحة في خَلَدِك ..


( 3 )

وتبحر بقاربك .. ولا تدري إلى أين يأخذك الموج ولا إلى أين يبدأ بك الصباح ، فترمي بنظراتك إلى ظلمة البحر وتبدأ الأحاديث الشاعرية تغزو قلبك لتهذي بنبرةٍ مسكينةٍ متأملةٍ : أيوجد تحت هذه الأمواج عالم آخر هو جزء من تلك الحياة ؟! ، أتحته مساكن وممرّات وأطلال ؟! ، هل تعبر أشرطة الذكريات في عقول سكانه ليبكون على فراقٍ مُرٍ وسنين انتهت ؟! ، أيفرح أهل البحر كما نفرح ويضحكون كما نضحك ؟! ، بل هل يبكون كبكائنا ويدمعون كمدامعنا ؟! .. ولو سقطت منهم أيستطيعون التفريق بينها وبين البحر ؟! .. أم يا ترى كل هذا البحر هو مدامعهم التي سالت وانهمرت ؟! ..


( 4 )

وبينما أنت تناجي ظلمة البحر إذ بالموج قد جذبك دونما تدري ، ورماك عن حياتك وديارك بعيداً دون موعدٍ وإذنٍ لترفع بصرك قليلاً فإذا بجزيرة أضاءها شعاع القمر قد تشكّلت بهذا الليل كفاكهة مرتبة تنتظر من يأكلها ، وتسرع بمجدافك إليها .. وأصوات الماء ترن في أذنيك الصغيرتين والسَّعد يرفرف في صدرك فرحاً بهذه الليلة الساحرة الأخّاذة ، حتى تقترب من شاطئها وتنزل من القارب قبل الوصول إليهِ فإذا بالماء يغطي نصف ساقِك وتدفع قاربك لتخرجه من البحر ، وتقف وقفة المنبهر المرعوب إلا من الخوف بل من الجمال والهدوء والإعجاب بهذا الخلق الربّاني البديع وتلك الصور التي لا تستطيع أن تصدق أهي حقيقة أم تكوّنت من تأثير الخيال ؟! وتدور ببصرك دورة التحديق والاستغراب ، ولا غرابة من خلقِ الله وبهاءه .

.




،




تابعوا الخيَـال وأخبروني أنكم هنا ،،



للإبحارِ بقيّـة ..



سَلمان







1 التعليقات:

إليزآبيث يقول...

تبآرك الرحمن خيالٌ واااسع.

إرسال تعليق

شكراً لك على الإطلاع ، بانتظار تعليقك على ما قرأت !
إذا أردت إضافة " لقبك " في التعليق .. إضغط على التعليق بإسم : ثم URL الإسم/العنوان ، إختر لقبك وأترك خانة العنوان فارغة ..
( بعدما تقوم بكتابة التعليق أنقر على " كتابة تعليق " ليتم إرساله )